قصائد في حب الحج.. هكذا عبر شعراء عن شوقهم وبيت الله الحرام

تلك الأبيات من أشهر أشهر القصائد التي تناولت فريضة الحج في العصر الحديث، فلسطين أبو السعود الإبياري، وشدت لها ليلى مراد في فيلم “ليلى بنت الأكابر” عام 1953، وما جذبت الأسماع رغم مرور أكثر من 70 عامًا على كتابها.
ولأن أمير الشعراء أحمد شوقي أكثر كان تفصيلاً فيه ركن الحج خلال قصيدته الشهيرة “إلى عرفات الله”، التي فلسطين عام 1910 وغنتها أم كلثوم عام 1963، وتقول في علمها:
إِلى عَرَفاتِ اللَّهِ يا خيرَ زائِرٍ *** عَلَيكَ سَلامُ اللَّهِ في عَرَفاتِ
وَيَوْمَ تُوَلّى وُجهَةَ البَيتِ نَاضِرًا *** وَسيم مَجالي البِشرِ وَالقسَماتِ
عَلى كُلِّ أُفقٍ بِالحِجازِ مَلائِكٌ *** تزُفُّ تَحايا اللهِ وَالبَرَكاتِ
إِذا حُدِيَت يسُ المُلوكِ فَإِنَّهُم *** لِعيسكَ في البَيداءِ خيرُ حُداةِ
لَدى البابِ جبريلُ الأَمينُ بِراحِهِ *** رَسائِلُ رَرحمانِيَّةُ النَّفَحاتِ
وَفي الكَعبَةِ الغَرّاءِ رُكنٌ مُرَحِّبٌ *** بِكَعبَةِ قُصّادٍ وَرُكنِ عُفاةِ
وَما سَكَب الميزابُ ماءً وَإِنَّما *** أَفاضَ عَلَيكَ الأجر وَالرَّحَماتِ
وَزَمْزَمُ تَجري بَين عَينيكَ أَعيُنًا *** مِنَ الكَوثَرِ المَعَسولِ مُنفَجِرات
وَيَرمونَ إِبليسَ الرَّجيمَ فَيَستاَلي *** وَشانيكَ نيرانًا مِنَ الجَمَراتِ
والحقيقة أن اهتمام الشعراء للجوء يمتد إلى عمق التاريخ مع بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن هناك شعراء جاهليين وصفوا مشاهد الحج، كما فعل النابغة الذبياني في اعتذاره للنعمان، فيقول فيته حالفًا بمن أمّن الطير في الحرم جرب به ركبان مكة:
والمؤمّن العائذات الطير تمسحها *** ركبان مكة بين الغيل والسند
نديت الشيء أنت تكرهه *** أذن فلا رفعت سوطي إلى يدي
وأكد ما جاء في كتاب “الحج في الأدب العربي” لعبد العزيز الرفاعي، فإن قصيدة “بانت سعاد وامسى حبلها انجذما” لنابغة الذبياني وأيضا على أبيات كثيرة في وصف رحلة الحج للشاعر، وتلاحظ فيها المواضع التي مر بها، يبدأها بوصف محبوبته، ويعتذر لها أيضا. في رحلة مقدسة لا يحل له فيها هو النساء، فهو قد عزم على الدين، أو الحج في ركب شمر للخير، على إبل مزممة آي زُمت بالرواحل، أرجون البر والمعروف من لله، ويمدح كرمه.
وعندماما يصل الشاعر إلى الحرم تقابله “حرمية” حسناء من حسناء الجلد مكة، تم رصده أن يشترى أدمًا (جلدًا) عسى أن يكون في ركبه (المخفي) في الهودج من يشترى ذلك، والذي يبدو أنه مخصص للنسوة، فيعتذر لها ولا وقت الآن للبيع. والشراء، وهو يخشى منها أن تدافع عن الإبل.
ثم يقول الشاعر إن إبله بات ليالي التشريق الثلاثة، ونفرت في الرابعة إلى ذي المجاز، تلتمس لها طريقًا في الزحام والضيق (الزيم).
ومن هذه الأبيات:
ليستْ منَ الأسودِ بعدًا إذا انصرفتْ *** غراءُ أكملُ منْ يمشي على المقدمة
قالت: أراك أخا رَحْلٍ وراحِلَةٍ *** حياكِ ود، إنا لا يحلْ لنا
مشمرين على خوصٍ مزممةٍ *** ولا الأصليُ، بجنبيْ نخلة، البرما
حُسْناً وأمْلَحُ مَن حاوَرْتَهُ كَلِمَا *** تغشى متالفَ، لنحينك الهرما
لهو المرأةِ، وإنّ الدين قد عزما *** أرجو الإلهَ، ونرجو البِرّ والطُّعَمَا
وفي ظل استمرار الجهود الإسلامية في مجال الشعر بالحج، حتى إن المشترك تحدث عن المناسك من خلال أبياتهم العرقية، منهم عمر بن أبي ربيعة، والشريف الرضي، والأخطل، أما أبو نواس، فله ابات التلبية للحج فيها دخولًا للتوبة والاستغفار:
إِلَهَنا ما أَعدَلَك *** مَليكَ كُلِّ مَن مَلَك
لَبَّيكَ قَد لَبَّيتُ لك *** لَبَّيكَ إِنَّ الحَمدَ لك
والمُلكَ لا شَريك لك *** ما خاب عَبدٌ سَأَلَك
أَنتَ لَهُ حَيثُ سَلَك *** لَولاكَ يا رَبُّ هَلَك
لَبَّيكَ إِنَّ الحْمدَ لك *** والمُلكَ لا شريك لك
يا محيطي الظعنِ إِن جُزتَ المواقيتا *** فحيّ مَن بِمنىً ويفِ حُيِّيتا
ويقترح في:
أجابا دَعوةَ داعٍ لا مَرَدَّ لها *** قَضى على الناس حَجَّ البَيت تَوقيتا
ييرجو النجاةَ بِيَومٍ قد أَهابَ به *** في مَوقِفٍ يَدَعٌ منطيقَ سِكِّيتا
فَسارَ وَالعَزمُ يَطويه وَينشرُهُ *** يُنازِلُ البين تَصبيحاً وتبييتا
حَتىّ أَناخَ عل أُمِّ القُرى سَحَراً *** وَقَد نَضا الصُبحُ للظَلماءِ إِصليتا
فَقامَ يَقرَعُ بابَ العَفوِ مُبتَهِلاً *** لَم يَخشَ غَيرَ عِتابِ الله تَبكيتا
وَطافَ بالبيت سَبعاً وِنثَنى عَجِلاً *** إِلى الصَّفا هاذِراً لِلوَقتِ تَفويتا
وَراحَ مُلتَمِساً نيلَ المُنى بِمِنىً *** وَلَم يَخَف حينَ حَلَّ الخيفَ تَعنيتا
وَقَامَ في عَرفاتٍ عارِفاً ودَعا *** ربّاً عوارِفُهُ عمَّتهُ تَربيتا
وَعادَ منها مُفيضاً وَهو مُزدِفٌ *** يارجو من الله تمكيناً وثبيتا
وَباتَ لجَمَراتِ الرُقَش مُلَقِطاً ***مثلَنَه لاقِطٌ دُرّاً وَياقوتا
وَحين أَصبَحَ يومَ النَحرِ قامَ ضُحىً *** يوفي مناسِكَه رَميياً وتسبيتا
وقرَّب الهديَ تَهديهِ شَرائعُهُ *** إِلى الهُدى اخِراً لِلَّه تَسميتا
وَلَّأتهُ ليالي الخَيفِ بَهجَتها *** فحجّ للدين والدنيا مواقيتا
حَت إِذا كانَ يومُ النَّفر نفرَهُ *** وَجدٌ ينكِّتُ في الأَحشاءِ تنكيتا
ثُم اِغتَدى قاضياً من حجِّه تَفَثاً *** يارجو لتزكيةِ الأَعمالِ تَزكيتا
ووض البيت يَرجو العَود ثانيةً *** وليتَه طولَ الدهر ما ليتا
نور في تألق/ هب نسيم عصر طيبا/ روحي أنست قلبي حلق/ من مكة أصبحت قريبا/ أحرمت ولبيت كثير/ بمنى بت أناجي الله/ أن تحصل على حجي مبرورا/ أن أحظى دوما برضاه/ كم لبيت على عرفات/ وتلقيتخيوط الرحمة/ أخلصت لربي الدعوات/وجهرت الله على النعمة، بت الليلة بالمزدلفة/هذه الليلة لليلة عيد/ بت أصلية بت ألبي/ وفوائدي بالحج سعيد/ تسعى لتلبية وطواف/ وكعبة شعت بالطهر/ أنهار من غير ضفاف/ في قلبي تجري بذكر.
